يستهين الكثير من الناس بالتحذيرات التي يطلقها خبراء التغذية عن خطورة تناول رقائق البطاطس (الشيبس) على الإنسان. إلا أن هناك الكثير من الأدلة التي تشير إلى تسبب الشيبس في صور كثيرة من الأضرار التي تلحق بالإنسان نتيجة تناول رقائق البطاطس سواء السمنة المفرطة أو المشاكل التي تصيب الجنين من خلال أمه الحامل والكثير من أنواع السرطان ومرض فرط النشاط والحركة عند الأطفال وأمراض القلب والأوعية الدموية.
ففي استطلاع للرأي أجري الأسبوع الماضي في بريطانيا, أظهرت نتائجه أن ثلثا الأطفال في بريطانيا يتناولون الشيبسي عدة مرات في الأسبوع الواحد. وأجرت جريدة الديلي ميل التي تصدر في بريطانيا تقريراً مطولاً حول نتائج استطلاع الرأي الي يطلق عليه (YouGov). وأظهر أيضاً أن البريطانيين يلتهمون 6 مليارات عبوة شيبسي سنوياً وهو رقم ضخم بكل الصور والمقاييس وهذا يعني أن هناك طناً من الشيبسي يتناولها البريطانيون كل ثلاث دقائق. وذلك بمتوسط 100 عبوة لكل شخص بريطاني في العام الواحد.
وتعني هذه الأرقام أن الطفل في بريطانيا يتناول بمعدل 5 لترات من زيت الطعام سنوياً من خلال البطاطس المقلية وحدها. ويشير الخبراء في بريطانيا إلى أن هذا الاستهلاك الضخم (ليس في بريطانيا وحدها) يعود إلى السبل التسويقيه الجذابة التي تحرض الأطفال على تناول مثل هذه الأغذية غير الصحية.
كيف يحدث ادمان الشيبس؟
وفقاً لـ "مايكل موس" صاحب كتاب نشر مؤخراً بعنوان "الملح والسكر والدهون: كيف نتعلق بهذه الأغذية؟", فإنه يقول أنه نتيجة لتحقيقاته العديدة حول كيفية تحول الشيبسي من غذاء كان يهتم به الناس بصورة متوسطة إلى غذاء تعلق به الناس بصورة فائقة. وجد أن هذا يعود إلى أن كيفية تطوير الشيبسي نفسه ليصبح عابثاً في مراكز المخ حيث يتلذذ الإنسان بتناوله ومن ثم لا يمكنه الإستغناء عنه.
ويشير موس إلى أن الدهون التي تضاف إلى رقائق البطاطس تعطي متعة الإحساس الذي يشعر به الإنسان عند تناوله الجبن السائل الساخن, حيث أن هناك عصباً يسمى بالعصب الخامس (العصب ثلاثي التوائم) يوجد أعلى مؤخرة الفم يعمل على إرسال المعلومات إلى المخ عن طريق اللمس وهذا يعمل بكفاءة حينما نتناول الدهن, والدهن الأفضل مذاقاً هو الذي ترغب في تناوله أكثر وأكثر. وحينما تقضم قطعة الشيبسي بفمك فإن الملح الموجود به تشعر وكأنه يضرب عقلك بصورة مباشرة.
وجنباً إلى جنب مع الملح والدهون, فإن السكر الموجود بالبطاطس نفسها يعمل على تحسين المذاق بشكل كبير. وهذا الثلاثي (الدهن والملح والسكر) هو السبب الرئيسي في إضفاء النكهة المميزة لرقائق الشيبس.
ماهي اضرار الشيبس
يشير خبراء الطب والتغذية إلى لعب رقائق البطاطس دوراً كبيراً في الإصابة بالعديد من الأمراض حيث أكدت العديد من الدراسات أن تناول الشيبسي بصورة مفرطة يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالسمنة والضغط والسكري وأمراض القلب. ويسبب في الأطفال اعتلالاً عاماً في الصحة.
الطفل في بريطانيا يتناول بما يعادل 5 لترات من الزيت سنوياً
وتعد رقائق البطاطس المتهم الأول في جعل الولايات المتحدة الأمريكية على قمة البلدان الأكثر إصابة بالسمنة. ففي دراسة نشرت مؤخراً في مجلة نيو إنجلاند الطبية, وجد الباحث الرئيسي فيها الدكتور "درايوش مظفريان" أن رقائق البطاطس من أهم الأغذية التي تسبب السمنة. ويشير إلى أن الاعتدال مطلوب في تناول أي شيء, لكن ثمة أغذية لا تتطلب تناولها باعتدال مثل الشيبسي حيث أنها تسبب العديد من المشاكل الصحية.
وقال مظفريان الأستاذ المساعد في الطب والوبائيات بكلية الطب جامعة هافارد الأمريكية أنه قد وجد أن التناول الكبير للنشويات التي توجد في منتجات الشيبسي يمكن أن تسببب ارتفاعاً كبيراً في الجلوكوز والإنسولين في الدم. وهذا يسبب نوعاً من الإحساس بالشبع وعدم الرغبة في الطعام, وهنا مكمن الخطورة, حيث أن هذا يسبب عدم التوازن في الطعام فلا ترغب في تناول الأغذية الأخرى التي من المفترض أن توازن بها غذائك.
اضرار الشيبس للحامل
ثمة بحث بريطاني آخر وجد أن الأمهات الحوامل اللاتي يتناولن كميات كبيرة من رقائق البطاطس يعملن على إيذاء أطفالهن في أرحامهن بنفس القدر الذي يسببه التدخين. ويعود هذا الفضل إلى مادية كيميائية تنطلق حينما تقلى البطاطس تسمى الأكريلاميد وهي مادة عديمة الطعم والرائحة والمذاق وغير مرئية ولكنها ترتبط بالحاق ضرر بالحامض النووي.
قلي رقائق الشيبس على درجات حرارية عالية يكون مسرطنات
واكتشف العلماء في السويد هذه المادة قبل نحو 10 أعوام حيث عثروا عليها من خلال طهي الأطعمة النشوية في درجات حرارة عالية. ووجد الباحثون مؤخراً في معهد برادفورد للبحوث الصحية أن مادة الأكريلاميد تؤدي إلى ولادة أطفال مبتسرين وانخفاض وزن الجسم ومحيط الرأس بشكل ملاحظ.
ويقول "جون رايت" الباحث الذي أجرى الدراسة التي أجريت في برادفورد أن هذا الأمر يسبب مشكلة صحية كبيرة للأطفال مستقبلاً ويزيد من تعرضهم لمشاكل صحية مثل السكري والحركة المفرطة وزيادة الوزن والسكري وأمراض القلب. ويشير رايت إلى أنه حينما يضاف الأكريلاميد كعامل سيء مع السكريات والدهون والملح في البطاطس, فإن هذا يؤدي إلى أن يكون بنفس خطورة التدخين على الأجنة.
اضرار الشيبس للاطفال وادمان الاطفال للشيبس
في فبراير2013, نشرت دراسة في مجلة بلوس وان الطبية أجريت على فئران تم تغذيتها على رقائق البطاطس من قبل العلماء في جامعة إريلانجن نورمبرج بألمانيا, وجدوا أن الفئران أظهرت نشاطاً مفرطاً للغاية وهو يماثل في الإنسان متلازمة فرط النشاط والحركة التي تصيب بعض الأطفال.
وثمة أمر آخر يضر الأطفال جراء تناول رقائق البطاطس وهو تسوس الأسنان. فيحذر الدكتور "نايجل كارتر" الرئيس التنفيذي لمؤسسة طب الأسنان البريطانية من تناول الشيبسي حيث يقول أنه واحداً من أسوأ الأمور لصحة الأسنان. حيث تعلق على سطح الأنسان لفترات طويلة.
نجم إنجلترا السابق في كرة القدم وهو يروج لمنتج من منتجات رقائق البطاطس
ووجد الباحثون أيضاً أن اعلانات الشيبسي تزيد من إدمانه بشكل كبير, فقد اكتشف الباحثون بجامعة ليفربول في إنجلترا الشهر الماضي ارتباط سيطرة الشيبسي على عقول الشباب بإعلانات يظهر فيها النجوم. وأطلق الباحثون مثلاً على حملة إعلانية للشيبسي منذ 1995 لنجم الكرة الإنجليزي السابق والمحلل الكروي الشهير في الجزيرة وبي بي سي الشهير "جاري لينيكر" اسم "تأثير لينكير" على عقول الشباب. حيث جعل الباحثون بعض الأطفال يشاهدون لقطات متلفزة لنجم برشلونة وتوتنهام السابق توضح مهاراته في كرة القدم, والبعض الآخر لم ير هذه اللقطات. ثم جعل الباحثون الأطفال يشاهدون إعلانات جاري لينيكر لرقائق البطاطس, فوجدوا أن الأطفال الذين شاهدوا لينيكر قد أكلوا أكثر كثيراً من البطاطس عن غيرهم.
هل يمكن أن يكون أحمد حلمي سبباً في زيادة تناول الشيبسي؟
ويمكن إذا طبقنا مثل الدراسة الأخيرة هذه في بعض البلدان العربية مثل مصر, فسنجد أن فناناً سينيمائياً مثل أحمد حلمي قد ساهم بشكل كبير في زيادة تناول الشباب للشيبسي عقب حملاته الإعلانية لأحد منتجات الشيبسي الشهيرة في مصر. وترجع الدكتورة "إيما بويلاند" التي قادت الدراسة السابقة هذا الأمر إلى كون هذا الشخص صادقاً بالنسبة لهم وبالتالي فهم يقلدونه. وبعد هذا, فعلينا الآن أن نبدأ في أن لا نتساهل مع أطفالنا أو مع أنفسنا في تناول الشيبسي وأن لا نجعله متاحاً لهم في أي وقت. وأن لا نستخدمه في مكافأة أطفالنا وعلينا أن نشجعهم على تناول ثمرة فاكهة مثل البرتقال أو الكيوي أو الموز أو أي فاكهة أخرى أكثر من تشجيعهم على تناول البطاطس المقلية.